الاثنين، 21 مايو 2018

خيال و حقيقة

في عالم الخيال نحن سعداء نبحر على متن قاربٍ صغير والبحر هادئ والسماء صافية والشمس لامعة مثل عيناك, يطفو قاربنا على سطح البحر ونرقص نحن على موسيقى أمواجه ,لا وجود للسفن حولنا كنا فقط أنت و أنا ولاشيء أخر,
كأن الكرة الأرضية قُسمت إلي نصفين وبقي العالم بأكمله في شماله  أما نحن هربنا وحدنا إلي الجنوب وعلى ما يبدوا أنهم بحثوا عنا هناك .

لا حروب بيننا و لا شجار و لا دموع ولا حزن و لا هم ولا غدر ولا خيانة هدوءٍ وسلام و حُب فاق المدى و تشابكت أيدينا ورحنا نرقص على أنغام الموج لساعاتٍ و أيامٍ و شهورٍ و سنينٍ كل يوم كان اليوم الأول وكل مرة نظرت فيها إلي عيناك كانت مثل أول مرة , كل شيء كما هوا لا يتغير أبدًا
 كم هو جميل عالم الخيال.


أما الحقيقة كانت تنزف دمًا نحن تعساء هاربين على متن قارب مهشم يتقاذفه الموج حتى كاد يغرق فالبحر هائج و العواصف لا تتوقف والمطر يشتد غزارة و السماء معتمه سوداء مخيفة نحن في ظلامٍ هالك , ولا وجود لأنغام موسيقى الموج الهادئة فقد كانت موسيقى الرعب تدب في قلوبنا موسيقى مخيفة أكثر من العاصفة مخيفة أكثر من فكرة  الهلاك في هذا البحر .

كان البحر يعم بالسفن وكنا نلوح لهم بأيدينا يبدوا أنهم ظنوا أننا نلقي التحية أو هكذا ظننا نحن التعساء أما هم فلقد رأونا و أكملوا طريقهم يبدوا أنهم أرادوا أن نغرق وربما ليس يبدوا فقط بل أنهم أصروا على غرقنا لكن نحن رفضنا , رفضنا حتى بات كل المستحيل ممكن , رفضنا حتى صنعنا أطواق النجاة بأيدينا .

كان البحر الهائج  والعواصف والأمطار الغزيرة مشاكلنا التي لا تنتهي , أما السفن كانت جميع من غدروا بنا , و الخيانة كانت من موسيقى أمواج البحر التي أهدانا إياها أصدقائنا ولم يخبرونا عن الجزء المحظور منها تركونا نستمع إليها ونبحر في عالمٍ سعيد إلي أن استيقظنا على الحقيقة ؛

عكس الخيال تمامًا نحن نغرق و نغرق لا يوجد شيءٍ مشترك مع الخيال سوى أن أيدينا رغم كل ما يحيط بنا و رغم كل ما هو حولنا  ورغم كل الأمواج التي تتقاذفنا و كل الغدارين حولنا ظلت تتشبث ببعض بقوه أنها تعلن لعالم الحقيقة و الواقع القاسي المر أنه حتى لو غرقنا بين حطام المشاكل و الأحزان ستظل تعيش في عالم الخيال السعيد إلي أن تجعل منه واقع وحقيقة ,
وتجعل الحقيقة المرة ماضٍ لن يعود أبدًا.