الخميس، 20 أبريل 2017

ملامح حُزنك تشبهني



مهما كنا أقوياء هنالك نقاط ضعف نخشى أن نظهرها أمام أحد، نريد أن نحتفظ بها لأنفسنا فقط ،أحياناً نخاف الوحدة لدرجة أننا ننسى أن هناك الكثير من الناس حولنا نحمل هم الأمس أكثر من اليوم ،نحصر تفكيرنا في الماضي ، نُحبس داخله في دائرة كبيره لا نستطيع الخروج منها، نعلق هناك ، نغلق على أنفسنا لا نسمح لأحد بالدخول، لا نسمح لأنفسنا أن نستمع لأحد لكن فجأة يخرج ذلك الصوت الذي ينقذنا، يرنا طريق الخروج من الماضي ...
في يوم الاربعاء الموافق ١٠/٩ في الساعة الثامنة تماماً عندما خرجنا أنا وأمي وأبي من منزل جدتي متجهين نحو منزلنا حينها سألني والدي: هل تريد يا قصي أن اتوقف عند (متجر الحلويات ) حينها كان عمري احدى عشرة سنه، مع الاسف الشديد أني اردت أن نتوقف بكل حماس، توقف أبي أمام متجر حلويات مدى يده لي بخمس ريالات يا بني لا تتأخر وأنا انزل من السيارة ،قالت أمي( بصوت مرتفع) : كن حذراً يا قُصي .
دخلت الي (المتجر بكل سرور اشتريت وتوجهت للمحاسبة اخذت الكيس وكنت الوح لأبي به لكن وانا اقف أمام باب (المتجر ) لم أخرج بعد لم أرى سوى تلك الشاحنة الكبيرة التي تصطدم بسيارة أبي، ما أن أصدمت إلا و اشتعلت سيارتنا كان من المفترض أن نكون بالمنزل سقط الكيس من يدي، أدركت الأن أني عندما رميت الكيس حياتي انحدرت معه، فقدت والدي أمام عيني وأنا طفل في الحاديه عشر من عمري وأنا الأن في الثامنة والعشرين من عمري تلك اللحظة التي فقدت بها والدي أدركت أني كبرت أصبحت وحيداً؟ لم يعد لدي أب ولا أم ؟ هل أصحبت يتيماً؟ لن يعود أبي من عمله بوقت متأخر مره أخره ولن أنتظره ليلاً؟ لن أشتم رائحة أمي مره أخره؟ هل رحلوا حقا؟ لكم أن تعلموا أني أسأل نفسي هذه الأسئلة الي هذا اليوم. أتذكر أن يوماً اخبرني أبي أننا لسنا في موطننا الأصلي بل نحن سكان الجنة ولكن أتينا هنا لنقيم بعض الواجبات التي علينا ثم سوف نعود الي الجنة أن قمنا بها بالشكل الصحيح وها أنا الأن أصبحت طبيباً سوف أنقذ حياة الكثير من الناس في حين أني فقدت والدي ولم يكن لي إخوة عشت الي الثامنة عشر من عمري في منزل عمي أحمد لقد وقف بجانبي كثيراً  لكن عندما قررت الخروج حدثت مشكله لقد طلبت حقي بميراث والدي لكن عمي لم يعطني إلا ربعه هذا كان سبب لخلافي مع عائلتي وجعلني أبتعد عنهم لكني لم أستسلم أبداً أردت أن أقف على قدمي أن أعتمد على نفسي فأنا لا أملك إلا نفسي في هذه الدنيا ،كنت أعمل ليلاً في ورشة لغسيل السيارات وصباحاً أذهب إلى الجامعة، لي صديق ،لا، بل أخ إنه عائلتي كلها ،صديقي عمر، كان أكثر من أخٍ بالنسبة لي ،بدأت صداقتنا في الرابعة عشر من عمري واستمرت إلى هذا اليوم، احمد الله كثيراً على وجوده معي، دائماً يقول عمر لي : ليس شرطاً ان تكون الاخوة رابطة دم يمكن ان تكون رابطة روح ايضاً فالصديق اخ انت تختاره ..
في الصباح  الباكر في يوم ١٠/٩ استيقظت وفتحت عيني بثقل كبير لأنظر الي الساعة الخامسة واربع دقائق استعديت للذهب لعملي ،أكره هذا اليوم من السنة، أريده أن ينتهي بسرعة، لا يمكن أن أنسى السيارة وهيا تشتعل وصوت صراخ أمي لا يخرج من بالي أبداً، أخذت حقيبتي واتجهت الي سيارتي لأذهب الي عملي كنت منغمس في التفكير بتلك الحادثة ألي أن قاطعني صوت رنين هاتفي كان صديقي أجبت على الهاتف : السلام عليكم
عمر: وعليكم السلام تعطلت سيارتي أنتظرك أمام المنزل لا تتأخر وأغلق الخط.
غيرت أتجاهي لأذهب لاصطحابه أستغرق الطريق خمس عشرة دقيقة وصلت لكن السيارة لم تتوقف بعد ألا أن عمر فتح الباب وركب وأغلق الباب وبدأ كعادته يتذمر.
عمر: لقد تأخرت ،انتظرك طويلاً اين كنت ؟ لما لم تجب على اتصالاتي ؟!!
شعرت بالغضب لم أتمالك وانفجرت غاضباً : هناك زحمة مرورية وأنا لا أملك الطريق ،عمر أستغرب غضبي فقرر أن يصمت كي لا أغضب أكثر ،أخرج هاتفه ليتصفحه؛ اوقفت السيارة رفع عمر رأسه عن هاتفه استغرب المكان وقال بنفسه لماذا توقف هنا؟ ألتفت عمر ألي :لما توقفت؟
أصبحت أضرب على الموقد بقوة لم أستطع كتمان دموعي صرخت بصوتاً عالي : مازالت الصورة عالقة في ذاكرتي صراخ أمي هلعي دموعي كل شيء.
وضع عمر يده على كتفي ، لم يتحدث انه يشعر بالألم الذي اشعر به استمريت بالحديث والصراخ: أريد أن يعود ذلك اليوم أن يسألني والدي وأجيب لا لا أريد فلنذهب إلى المنزل أنا أشعر بأني قتلتهم؟؟
ما أن أنهيت جملتي حتى شعرت بضربة حاره على كتفي وصوت عمر المرتفع الغاضب  : ما هذا الكلام يا قصي الان أنت تعيش قدرك شئت أم ابيت وها أنت أصبحت رجلاً قوياً أ، و طبيباً تنقذ حياة الناس تساعدهم لا يجوز لك أن تتهم نفسك بما تسبب به القدر كل هذا مكتوب من قبل هذا ما كان سوف يحدث سواءً أردت او لم ترد
أجبته وأنا أشعر بالعجز ولم أستطع منع دموعي :لكنه لا يخرج من مخيلتي أبداً أشعر بالضيق أشعر بنار تحرق قلبي أريد أن أنسى مشهد حريق السيارة
عمر: اسمع يا صديقي أولاً عليك أن تحبس دموعك فالدموع هي الدليل العجز أنت لست بعاجز أنت الان تمتلك كل شيء سيارة بيت اخ وظيفه لم يستطيع اي شخص ان يصل الى ما توصلت اليه ؛ لو كان والداك على قيد الحياة لفخرا بك ؛فافتخر بنفسك؛ هل تعلم لم تشعر بهذا الشعور دوماً؟ ولم يكن لدي خيار ألا أن أسأله : لماذا؟
عمر: متى أخر مره زرت أحد من أقاربك؟
يا عمر، لا يحق لأحد أيا ًمن كان أن يتدخل في هذه المسألة أبداً، لكني لم أستطيع منع عمر من التحدث عنه أخبرته  بكل هدوء يا عمر أنا لست بحاجه لهم أبداً.
رد بصوت مرتفع : ماذا يعني هذا الأن هل قلت أنك تحتاج لهم هل صلة الرحم حاجه؟ إنهم أهلك  عليك أن تصلهم
لم استطع التحكم بنبرة صوتي أنا محق أنا لا أخطاء أبداً : أنظر هؤلاء ليسوا سوى بلاء لا تحاول تغير رأي أبداً فالعائلة هيا الأم والأب والإخوة فقط أما غير ذلك برأيي أن رابط الدم هو اسوأ ما يصيب الأنسان  أنهم عثرة لا غير ؛ عمر بيأس: عنيد نظريتك الحمقاء هذه لن تنفعك بشيء أبداً.
لا يهمني أعرف أنه غضب لكني أنا مقتنع جداً بما أفعله.
عمر لم يتكلم أبداً وهو يقول لنفسه ما هذا هل يعقل ما يقتنع به؟!! وصلنا إلى باب المشفى  نظرت إلى الساعة انعقد حاجبي لقد تأخرت كثيراً ،أغلقت السيارة ونزلت التفت الي عمر ورميت أليه المفاتيح أوقفها لقد تأخرت
عمر : أنتظر أنا أيضاً تأخرت! لم التفت أليه كنت على عجله من أمري؛ ذهبت الي غرفتي وأخذت معطفي الي أن سمعت الممرضة تصرخ: دكتور  بسرعه لدنا أكثر من سيارة اسعاف متجهة إلى المستشفى لقد حدث حادثاً مروع يجيب أن نستعد، أخذت أجري للباب الطوارئ ،ما أن وصلت حتى شاهدت الأطباء متجمعين في قلق شديد ومن بينهم عمر سألت الممرضة : كيف وقع الحادث؟
الممرضة : لا اعلم ولكن حسب ما تلقيت أن شاحنه اصطدمت بسيارة.
يا إلهي إنها نفس الحادثة تتكرر أغمضت  عيني وأخذت نفساً عميقاً  : كم شخص بالسيارة؟
دكتور أحمد: اربعة ، العائلة وسائق الشاحنة
دكتور اُبي: هناك طفله ايضاً.
لقد تأخرت سيارة الاسعاف لا أعلم لماذا أنا متوتر هكذا هذه المرة، من المفترض أن أكون قد اعتدت على هذا الوضع ، سمعت صوت سيارة الاسعاف ،أتجه الجميع بسرعه نحو السيارات، واتجهت أمام باب السيارة الثانية مع الدكتور اُبي ما أن انفتح الباب حتى خرجت تلك الطفلة مُرجان تبكي بصوتٍ عالي وتسأل أمي لماذا لا تجيبني وجهها ملطخ بالدماء حزنت على بكاء الطفلة أصبحت أتأمل وجهها الصغير ويدها المتورمة ،أيقضني صراخ اُبي  من التفكير :أحمل الطفلة، أهتم بها أنت ، فسألته: ألا تحتاج لمساعدتي.
اُبي : معي احمد لا تقلق ثق بي.
أسرعت لحملها وتوجهت بها الي غرفة الطوارئ حاولت تهدئتها قدر الإمكان، مسحت على شعر الطفلة قائلاً لها: يا ابنتي أمك وأبوك بخير مجرد جروح بسيط أنهما متعبان الأن، و لا يوجد ما يخيف.
مرجان: أريد أمي يدي تؤلمني كثيراً.
اشفقت عليها كثيراً جلست على ركبتي : أنظري يا صغيرتي الأن سوف نتجه لغرفة الأشعة لنرى ما بها يدك ثم نذهب الي والدتك حسنا؟
مرجان وهي ترتجف وتمسح دموعها بيدها الصغيرة: حسنا لكن بسرعة
حملتها  واتجهت بها الي غرفة الأشعة، أُعلمنا أن يدها مكسورة
اتجهت للطفلة ووضعت يدي على كتفها، لكنها دفعت يدي بسرعة وابتعدت عني. سألتها: ما بك يا بنتي؟
أجابتني وعيناها تفيض بالدموع: أنت كاذب. ، أخبرتني أنه بإمكاني ان أرى امي بعد الأشعة ولكن لم تسمح لي.
أجبتها بنبره هادئة وابتسامه : لا يمكن الأن يجيب أن أغلق الجرح الذي بجبينك وأجبر لك يدك ويجيب أن ننتظر خروج والدتك من غرفة العمليات.
مُرجان بتعجب: ماذا تفعل هناك لماذا لم تسأل عني هل لم تعد تريدني؟
أجبتها بهدوء: لا أحد يحبك كأمك، ولكنها متعبة الأن، ونائمه حين تستيقظ سوف ترينها حتماً ،هل نذهب الأن ونعالجك ؟
مُرجان بهدوء ودموعه تنهمر: حسنا لكني أخاف من ألم الإبرة ؟
شجعتها :ولكنك قوية؛ فحملتها وذهبت لعلاجها سألتني الطفلة وأنا متعمق بتجبير يدها:هل استيقظت أمي هل قالت أين مرجان؟!
نظرت إليها وابتسمت: مُرجان أسمك جميل، لكن حين تستيقظ والدتك سوف أخبرك
سألتها عن عمرها إنها في الحاديه عشر من عمرها، اخبرتها أنني سأذهب للسؤال عن عائلتها.
ذهبت الي الاستقبال: أتت عائله قبل قليل حادث مروري ، أربع أشخاص ، كيف حالتهم الأن؟
الموظف: سائق الشاحنة يجب أن يبقى تحت الملاحظة لمدت ٤٢ ساعة.
بعجله : الرجل وزوجته ؟
الموظف : مع الأسف فقدناهما؛ انعقد حاجبي أشعر بألم شديد وتوترت  : كيف هل أنت متأكد ؟
الموظف : آسف يا دكتور ولكن هذا ما حدث.
فقدت السيطرة على تصرفاتي أصبحت أضرب على طاولة الاستقبال بقوة : من المسؤول عن حالتهم بسرعة؟
الموظف بخوف : دكتور أحمد واُبي؛ اتجهت مسرعاً الي غرفة اُبي  فتحت الباب بقوة اتجهت نحو اُبي وسحبته من كتفه وبصراخ عالي : كيف فقدنا المصابين ، كيف تفقد الطفلة والديها؟!!أنا المخطئ كيف وثقت بك؟
أسرع عمر بسحبي وابعاد قائلا: عمر : ماذا تفعل  هل جننت؟
يا عمر كنت أستطيع الاهتمام بهما فقد كانُا على قيد الحياة، ولكن الان أصبحت طفلة بعمر الحادية عشر يتيمة.
اُبي بصراخ: ماذا كنت لتفعل ً أنت؟ أمام حروق كانت من الدرجة الثالثة وأغلب أعضاء الجسم قد توقفت عن العمل وهناك نزيف داخلي لم نستطع ايقافه لدى والدها.
اما أمها فقدت توفت في مكان الحادث، وصلت إلى المستشفى وقد فارقت الحياة.
نظر عمر إليّ بغضب وقال: هل تستطيع رد أمر الله بشيء؟ هذا أجلهم تلك النفوس أمانة من الله لنا ولكل أمانة صاحب سوف يأخذها متى يشاء.
هدئت قليلاً: ماذا نفعل؟
عمر : يجب أن نخبرها لا يجوز أن نعطيها املاً كاذباً.
أنا من سيخبرها؛ خرجت متجهاً إليها أشعر بأن قلبي يضيق يعتصر ، كيف سأخبرها ؟ كيف سيكون وقع كلماتي عليها. فتحت باب غرفتي وجدتها تضع رأسها على مكتبي.
رفعت مرجان رأسها وبسرعه اتجهت نحوي  أمسكت قائلةً :أعلم لقد استيقظت أمي سألت عني وأنت سوف تأخذني إليها الأن.
أمسكت بيدها وأجلستها على الكرسي وجلست  على ركبتي اخبرتها بألم: هل تعلمين  حين كنت بعمرك تماماً أخبرني أبي أننا لسنا بسكان الارض الأصليين أنها ليست موطننا.
مرجان بتعجب : هل نحن من كوكب أخر؟
أجبتها بابتسامة خفيفة : لا بل نحن سكان الجنة أتينا من الجنة إلى الأرض لنقوم ببعض الأعمال ثم نعود الي السماء.
تسألني باستغراب : لماذا أخبرك بهذا؟ وأين في السماء؟
قلت لها : لأنه كان يشعر انه سوف يرحل الي السماء، في الجنة هناك يذهب جميع من يفارق الحياة.
مرجان بتضجر واستغراب: ألن أرى امي؟ ألن أرى ابي ؟ انا لا أفهم شيء سوى أني أريد أمي.
مسحت على رأسها: لقد رحلا والدك الي الجنة.
بدأ الخوف والهلع يدب في أركان تلك الطفلة: هل ماتوا ؟هل سوف نضعهم تحت التراب ؟
أصبحت تبكي وجرت مسرعة نحو الباب لكني أمسكت بها بسرعة وأجلستها وأنا أتألم أشعر إني أعيش الحادثة مره أخرى: مرجان أرفعي رأسك أنظري اليّ.
رفعت رأسها بألم ونظرت الي عيني  لم استطع  تمالك نفسي كانت عيناها منهمرة بالدموع احتضنتها وأصبحت أهدئها: أنظري يا أبنتي نحن حين نموت تذهب أروحاً الي الجنة لا أحد يبقى تحت التراب أن والديك سعيداً الأن هناك.
مرجان ببكاء : أنا من قتلهم اعلم هذا.
استغربت كلماتها :كيف لكِ يا ابنتي أن تقتليهم ؛هذا ما كتبه الله وقدره لهم.
مرجان : لم يكن علي أن أحبهم جداً كان علي أن أعلم أنهم سوف يرحلوا.
أصبت بالدهشة حقاً: ما هذا الكلام ماذا تعنين ؟
مرجان: لقد ماتوا أمي وأبي وأنا في سن الثامنة من عمري لم يوافق أحد من أهل أمي أن يا أخذني للعيش لديهم ولا أهل والدي أيضاً مما أضطر لوضعي بدار الأيتام لكني لم أبقى هناك كثيراً ففي سن التاسعة من عمري تبنتي هذه العائلة جميعهم رحلوا يبدوا أنه كان علي أن أبقى بعيده عنهم وأصبحت تبكي بقوة لم يكن بإمكاني فعل شيء غير انِ احتضنتها.
وأخذت أفكر هل لطفلة في الحادية عشرة من عمرها أن تعيش كل هذا الألم أن تفقد من تحب بشكل متتالي يبدوا أنها لم تستطع أن تتمسك بغصن أنه ينزلق من يدها .قطع تفكيري صوت مرجان :هل الجنة مكان جميل؟
قصي: نعم جميل جداً، قالت بنظرة رجاء : هل تخبرني عنه ؟
وضعت مرجان رأسها على المكتب وهي تنظر إلي كي أخبرها عن الجنة : في الجنة سلام بلا نهاية هناك سعادة دائمة راحة دائمه لا يوجد حزن لا يوجد فراق أبداً كل من نحبهم نلتقي بهم هناك
مُرجان : هل والدي ذهبا هناك هما سعيدان؟ قُصي: طبعاً
طرق الباب التفت نحوه كان عمر اشارت له ان ينتظر قليلاً نظرت الي مرجان انت ابقي هنا سوف أعود الان وخرجت، أرى عمر: ماذا هناك؟ فسألني: اخبرتها ؟أجبته بزفير: نعم.
قال باستغراب وألم: تواصلنا مع عائلتهم لكنهم اخبرونا أنه ليس لهم علاقة بالطفلة فهي ليست طفلتهم الحقيقة بل بالتبني ؛ وماذا نفعل يا عمر ماذا أقول للطفلة؟
أجابني: سوف نتحدث مع الجهات المختصة يبدوا انها سوف تعود لدار الايتام.
شعرت بشعور غريب  شعرت بقيمة عائلتي التي لم تتخلَ عني بهذا الموقف استصعبت أخبار مرجان بالأمر، عدت إلى الغرفة فتحت الباب بهدوء.
: مُرجان
مرجان وهيا ترفع رأسها بتعب: متى سوف أعود ؟
استغربت السؤال: الي أين؟
مرجان : الي دار الايتام أعلم أن عائلتهم لن تأخذني أبداً وانا سوف أعود هناك مجدداً إلى الدار.
اقتربت منها وأخبرها: أنظري مهما بنت هذه الحياة حواجز في طريقك إياك أن تستسلمي كوني قويه جداً عندما لا يمتلك الأنسان إلا نفسه يجيب أن يكون قوياً يجيب أن يكون لديه هدف يصل أليه أنا أيضاً فقدت والدي بعمرك بحادث مروري ولكني لم أستسلم أبداً، عديني أن تصبحي شخصاً مهماً في المستقبل؟
ابتسمت مرجان وعينها مليئة بالدموع: أعدك أن أصبح معلمة
ابتسمت وقلت: وأنا أعدك أن أتي لزيارتك
مرجان : حقاً سوف تأتي.
قصي :نعم فنحن أصبحاً اصدقاء الأن، واكتفت مرجان بالابتسامة.
فُتح الباب كان عمر أبتسم وهو يشاهد مرجان تتحدث معي وتبتسم؛ نظر إليها وقال : كيف حالك أيتها السيدة الصغيرة ،ابتسمت مرجان : بخير.
مد عمر لها يده وقال: هيا سوف تذهبين الأن
أمسكت بيده وتوجها نحو الباب وقبل أن تخرج ألتفت للخلف ونظرت الي وابتسمت
ما أن أغلق الباب إلا وقد رحلت بعيداً بتفكيري ماذا كان سوف يحدث لو تخلت عني عائلتي ؟ أخذت أتذكر حين كانت أشاهد جدتي وعمي يتشاجران مع من سوف أعيش وأتذكر حالة مرجان التي تركت بلا أقارب وحيدة أيقنت أني لست وحيداً لدي عائلة عرفت أن تفكيري كان خاطئ كيف لهم أن يكون بلاء لي ،بل العكس تماماً يجب أن أصحح أخطائي الأن خلعت معطفي وتوجهت مسرعاً إلي غرفة عمر  فتحت الباب بعجله : أعطني مفتاح السيارة، عمر وهو يخرج المفتاح من جيبه : ألي اين ؟أخذت المفاتيح اتجهت إلى الباب: سوف أذهب لجدتي ثم لزيارة عمي
عمر : حسناً؛ لكن لم تمر خمس ثواني الي أن صرخ عمر : نعم الي أين؟!!
ولكني خرجت ،و لحقني عمر مسرعاً :قصي أنتظر لحظه أنتظر
خففت من سرعتي: ماذا ؟
عمر بابتسامه : هل تذهب حقاً
قصي : نعم أعرفت خطأي، فليس لي أن أقاطعهم. فهم أهلي وعائلتي.
عمر بتعجب: ألم تقل طيلة السنوات أنهم سرقوا حقك من الإرث؟
اخبرته أن المال لا يهمني حين كنت بعمر مرجان لم يشعرني أحداً منهم اني وحيد أبداً هذا المهم ورحلت.
توقف عمر وقال بنفسه : منذ سنوات وأنا أحاول اقناعه ولم أنجح أبداً بأن أجمعه بعائلته ماذا قالت مرجان له يا ترى.
أما أنا ذهبت الي جدتي وعمي و لم تكن الكلمات تعبر عن سعادتهم حين رأوني شعرت براحة شديدة ومن حينها لم أقطع علاقتي بهم أبداً أصبحت أزور جدتي كل يوم خميس وأذهب الي عمي كثيراً في أوقات فراغي لكني نسيت وعدا قطعته
بعد مرور ست عشرة سنة كانت أتحدث مع عمر: قُصي كيف حال مرجان هل ما زلت تصلها؟
ما أن قال عمر مرجان إلا و تذكرت وعدي، لقد وعدتها أن أكون لها صديقاً يا إلهي أخر مره ذهبت لرأيتها كانت قبل ست سنوات؛ نهضت مسرعاً
عمر: الي أين الأن؟ أخبرته أنه طرأ لي عملاً عاجل، و ذهبت لرأيت مرجان انتظرت أمام  منزلها تردت قليلاً ثم استجمعت قوتي وطرقت الباب شعرت بالسعادة حين رأيت أطفالها يفتحون لي الباب وبصوت عالي أمي هناك غريب على الباب أسرعت مرجان للباب
ونظرت بسرعه تغيرت ملامح الغضب الي ابتسامة واسعه مرجان : عمي قصي تفضل، ابتسمت وأشرت إلي أكبر أطفالها : ما أسمه يشبهك كثيراً
ابتسمت قائلة: أسمه صهيب يا عمي.
أخذ بيد و أدخلني إلي غرفة الضيوف قائلاً بنبرة الرجل : تفضل يا عمي ؟
نظرت  الي مرجان التي تضع الشاي أمامي : شكراً كيف حالك يا ابنتي؟
ـ : بخير أنت كيف حالك يا عمي؟
ـ :بخير لكني قطعتك لفترة طويلة أعذريني لم أستطع  الوفاء بوعدي
مرجان : لا يهم لكن أنا هذه السنة أوفيت بوعدي لك.
ابتسمت بشعور السعادة الغامرة والفرح التي اجتمعت في تلك اللحظة :حقاً ! قد تخرجت ؟
مرجان وهيا تضحك : نعم وحصلت على وظيفه أيضاً أصبحت معلمة للغة العربية، وهذه أول سنة في رحلتي الوظيفية.
فرحت لفرحها: أحسنت يا ابنتي غيرتي في كثيراً والأن أشاهدك شخصاً واعياً ومثقفاً و أماً لعائلة جميلة ومعلمة سعادتي لا توصف أبداً ..

بُنيتي ملامح حزنك تشبهني ورغم هذا كنت بصيص أملٍ بل شعاع أضاء ظلمة أحزاني.
مهما بلغ الحزن منا مبلغه فإن لنا ربٌ رحيم يبدد الأحزان ويعوضنا خيراً وأجرَ فالحمد لك يا رب

هناك 13 تعليقًا:

  1. ماشاء الله تبارك الرحمن
    يا رب منها للأعلى يا عيوني 😭❤️☹️✨.

    ردحذف
    الردود
    1. ما شاء الله ..ربي يبارك فيك ويفتح عليك فتوح العارفين ..أنا فخورة بابنتي وطالبتي ..الى الامام يا مبدعة.. لو كان ابي على قيد الحياة لعرضت قصتك عليه ولفرح بها كثيرا من فتاة في مثل عمرك.. نفعك الله بما علمت ونفع بك..

      حذف
    2. معلمتي العزيزه كم سعدت على قرأتك لقصتي المتواضعه كلماتك هذه تعزف لي الحان جميله تدعمني، شكرا لك
      ورحم الله والدك واسكنه فسيح جناته

      حذف
  2. ماشاءالله عليك ابدعتي واصلي والى الامام ربي يوفقك ويحقق لك آمانيك ❤️❤️✨

    ردحذف
  3. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  4. مااشآء الله تبآآآرك الله ..🌟🌟
    ججدددا جددددا جدددددا جدددددددددداااََ جمييييييل🔥👍🏻👍🏻

    ردحذف
  5. بنيتي شذى بارك الله رائع جدا لقد كنت انتقل بين السطور بكل شغف ودمعة في مأقلي فرحا بك ابدعتي ياصغيرتي
    اتمنى ان اراك ذات اسم لامع في عالم الادب والادباء
    سلمى الرحيلي

    ردحذف
    الردود
    1. معلمتي العزيزة،
      وصفك لقصتي فخراً لي ، شكرا لك
      ان شاء الله

      حذف
  6. عممممري والله ششششذى �������� وش هالجماال اببدعتتي ابدعتي مره ماشاءالله تبارك الله جد جد فخورين فيك ☹️�� الله يوفقك ياقلبي ومنها للاعلى يارررب ������

    ردحذف
  7. صديقتي حبيبتي شذى انا جداً فخوره فيكِ 💕

    ردحذف